هوامش
كامي يوميكلوماسك وترامب: هل انتهى شهر العسل؟
2025.05.17
مصدر الصورة : AFP
ترجمة: عمرو جمال
المقال الأصلي منشور على موقع Révolution Permanent بتاريخ 23 إبريل 2025[1]
منذ انتخاب ترامب، تولى ماسك رئاسة إدارة جديدة لـ"الكفاءة الحكومية". وكان من المفترض أن يكون أغنى رجل على وجه الأرض -الذي أنفق ملايين الدولارات على حملة ترامب- مسؤولًا عن عملية تطهير واسعة النطاق في الخدمة المدنية. ولكن على الرغم من فشله في تحقيق هدفه بتوفير 2 تريليون دولار، فقد تم تسريح عشرات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية، وتعرضت الوزارات لتخفيضات حادة في الميزانية، وتم تصفية وكالات، مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بشكل عملي.
وبينما رحَّب ماسك بإتمام الكثير من هذا "العمل الحاسم"، أعلن خلال مؤتمر عبر الهاتف أنه يخطط للتنحي عن إدارة البيت الأبيض في مايو، وذلك للتركيز في شركته المتعثرة تسلا، التي تواجه صعوبات في سوق السيارات. وقال في المؤتمر: "ربما اعتبارًا من مايو المقبل، سوف ينخفض الوقت الذي سأخصصه لـ"إدارة الكفاءة" بشكل كبير".
منذ التحقيق الذي نشره موقع بوليتيكو في الثاني من إبريل، تزايدت الشائعات حول رحيل الملياردير من حكومة ترامب على مدار الأسابيع الماضية. نُفيت هذه الشائعات في البداية من قِبَل ماسك نفسه، وندد بها باعتبارها "أخبارًا كاذبة". لكن صرح البيت الأبيض، الذي أعلن أن رئيس تسلا "سيترك الخدمة العامة عندما يكمل عمله في إدارة قسم الكفاءة الحكومية". كان من المقرر في الأصل أن يستمر القسم حتى 4 يوليو 2026، وهو الذكرى السنوية الـ 250 لإعلان استقلال الولايات المتحدة.
يأتي إعلان رحيله بعد أيام قليلة من التوترات والاختلافات التي عبر عنها الملياردير على موقع X، بشأن الضرائب الجمركية التي قررها ترامب. ففي يوم الثلاثاء 8 إبريل، هاجم ماسك مستشار البيت الأبيض التجاري الرئيسي بيتر نافارو -الذي يعتبر العقل المدبر وراء الحرب التجارية التي يشنها ترامب- ووصفه بأنه "أحمق وغبي". في حين كان ماسك من بين أشد المؤيدين لترامب، بدأت خطوط الصدع تظهر في العلاقة الوثيقة بين عملاق التكنولوجيا ورئيس الولايات المتحدة، الذي يبدو أن حربه التجارية ضد الصين تقوض مصالح رجال أعمال وادي السيليكون.
عندما تؤثر سياسة ترامب الحمائية سلبًا في أرباح شركة تسلا
منذ الإعلان عن زيادة الرسوم الجمركية يوم الأربعاء 9 إبريل، انخفضت ثروة ماسك بمقدار 35 مليار دولار. في الثاني من إبريل، أعلنت المجموعة أنه في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، تم بيع 337 ألف سيارة فقط، بانخفاض 13% مقارنة بالربع الأول من عام 2024. وانخفض صافي ربح شركة صناعة السيارات بنسبة 71% مقارنة بالعام السابق، وفي الأشهر الأربعة الماضية، انخفض سعر سهمه إلى النصف.
يلقي بعض المحللين باللوم على سياسة ماسك داخل القسم المثيرة للجدل، التي أدت إلى أكبر انخفاض في مبيعات شركة تسلا منذ إنشائها. إن عملية التطهير التي جرت في الخدمة المدنية، على الرغم من أنها ربما اجتذبت قطاعات معينة من الطبقة السياسية والناخبين الأميركيين، فإنها في واقع الأمر ساهمت في الإضرار بصورة الملياردير بين قطاعات من الشعب الأمريكي. فمنذ تولي ماسك إدارة القسم الجديد، تضاعفت الهجمات التي تستهدف شركته تسلا، حيث صعدت الاحتجاجات ضد الشركة في الولايات المتحدة وأوروبا، والدعوات إلى المقاطعة، إلخ. ويؤكد ارتفاع أسهم تسلا بنسبة 4% بعد إعلان ماسك انسحابه من قسم الكفاءة الحكومية هذه التحليلات.
لكن هذا لا يفسر كل شيء. فالصعوبات التي تواجهها الشركة العملاقة ترجع أيضًا إلى تأثيرات المنافسة الصينية وتحول ترامب نحو الحمائية. حتى قبل تطبيق زيادة الرسوم الجمركية، كان ماسك يندد بالفعل بعواقب الحرب التجارية التي بدأها ترامب على أعماله في نهاية شهر مارس. وهذا لأن أكبر مصنع لشركة تسلا يقع في شنغهاي، وتعتمد مواقع الإنتاج التابعة لها في الولايات المتحدة (الموجودة في تكساس وكاليفورنيا) بشكل كبير على الأجزاء المستوردة، التي ارتفعت تكاليفها بشكل كبير بسبب زيادة التعريفات الجمركية.
وأثارت إعلانات ترامب موجة من الذعر بين شركات صناعة السيارات الأميركية العملاقة الأخرى، بما في ذلك: جنرال موتورز، وفورد، وستيلانتس، التي ضغطت على البيت الأبيض منذ الأيام الأولى للحرب التجارية لإعفاء قطاع السيارات من زيادة الرسوم الجمركية.
عارض رئيس شركتي تسلا وسبيس إكس سياسة الحماية التي انتهجها ترامب منذ الإعلانات الأولى المحيطة بيوم التحرير. وفي يوم السبت 5 إبريل، دافع ماسك خلال مكالمة فيديو في مؤتمر حزب "لا ليجا" الإيطالي اليميني المتطرف في فلورنسا، عن إنشاء "منطقة تجارة حرة" بين الولايات المتحدة وأوروبا، محمية من جميع الرسوم الجمركية. ولكن في ذلك اليوم نفسه، أصبحت أغلب المنتجات التي تدخل الولايات المتحدة خاضعة لرسوم جمركية أدنى بنسبة 10% بالإضافة إلى الضرائب الجمركية القائمة، قبل وصول ما يسمى بالرسوم الجمركية "المتبادلة" الجديدة بعد أربعة أيام.
شركات التكنولوجيا العملاقة عالقة في حرب ترامب التجارية
لكن ماسك ليس الوحيد الذي تعاني شركته بسبب سياسات ترامب الحمائية. لقد شهد جيف بيزوس (أمازون) وتيم كوك (أبل)، الضيوف الرئيسيون في حفل تنصيب ترامب وأول الداعمين الماليين له خلال حملته الرئاسية، وعلى نطاق أوسع جميع "السبعة الرائعين" -أي الشركات العملاقة السبع الأمريكية التي تهيمن على سوق التكنولوجيا (جوجل، أبل، ميتا، أمازون، مايكروسوفت، إنفيديا وتسلا)- انخفاض أسهمهم في وول ستريت منذ الحرب التجارية التي شنها ترامب.
وفي أعقاب الزيادات الجديدة في التعريفات الجمركية، ولكن أيضًا في أعقاب إعلان ترامب إلغاء بند "الحد الأدنى" الذي سمح باستيراد ملايين الطرود التي تقل قيمتها عن 800 دولار (معظمها من المصانع الصينية) دون رسوم جمركية، انخفض سهم أمازون بنسبة 9%.
ولم تكن شركة Nvidia أيضًا بمنأى عن الاضطرابات. فهي متضررة بالفعل بسبب المنافسة من شركة Deepseek، وتستورد المجموعة معظم أشباه الموصلات التي تنتجها من تايوان. فالجزيرة، التي كانت حتى الآن بمنأى نسبيًّا عن هجمات ترامب، قد تواجه زيادة كبيرة في الرسوم الجمركية على الرقائق الإلكترونية.
ولم يسلم تيم كوك مثل عمالقة التكنولوجيا الآخرين، من البيت الأبيض أيضًا. رغم أن شركة آبل حصلت، خلال فترة ولاية ترامب الأولى، على إعفاء من الضريبة وصل إلى 15% على المنتجات الصينية. كما استثنى ترامب هواتف آيفون من زيادة الرسوم الجمركية لفترة وجيزة في أوائل إبريل، قبل أن يتراجع عن قراره بعد بضعة أيام. ولقد شهدت أسهم شركة أبل واحدة من أكبر الانخفاضات بين السبع شركات العملاقة. وهذا لأن 90% من هواتف آيفون تنتج في مصانع فوكسكون الصينية. وكما أشارت صحيفة ليبيراسيون: "كإجراء احترازي بسبب التوترات المتزايدة بين واشنطن وبكين، بدأت شركة أبل في نقل الإنتاج إلى الهند، على حساب خمس سنوات من الاستثمار وتدريب الموظفين، وعهدت بمصانع ماك بوك وآيباد الجديدة إلى فيتنام". ومن خلال هذه العملية، كانت شركة أبل تهدف إلى التحايل على الرسوم الجمركية الأميركية المفروضة على الصين، التي بلغت حينها 125%، مقارنة بـ26% في الهند قبل الهدنة التي استمرت 90 يومًا.
وهكذا تتعارض مصالح زعماء وادي السيليكون مع سياسة ترامب الحمائية، التي ينشرها تحت شعار أميركا أولًا، الهادفة في نهاية المطاف إلى إعادة التصنيع في الولايات المتحدة وفصل أكبر اقتصادين في العالم لتقليل اعتمادها التجاري على بكين. ويبدو أن ترامب عازم على تحقيق أهدافه، حتى لو كان ذلك يعني إزعاج شركات التكنولوجيا العملاقة التي تعهدت بالولاء له في السابق لتأمين أرباحها.
ويعزز تدهور العلاقات بين ترامب وماسك وعمالقة وادي السيليكون عناصر الأزمة داخل المعسكر الترامبي في وقت تراجع هيمنة الولايات المتحدة التاريخية. إن خطوط الصدع التي تم التعبير عنها بالفعل بين مؤيدي ترامب بشأن تأشيرات H-1B أصبحت أكثر حدة مع قضية الحرب التجارية بين مؤيدي الحماية (التي انضم إليها رئيس نقابة سائقي الشاحنات شون أوبراين ورئيس نقابة عمال السيارات المتحدة شون فين) من جانب وأقطاب التكنولوجيا، المدافعين المتحمسين عن الليبرالية. ومع انخفاض شعبية ترامب إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق -43% وتأثره بفضيحة سيجنالجيت- يمكن أن تأتي فرصة داخل الصراع الطبقي بسبب عناصر الأزمة هذه في حكومة ضعيفة محليًّا وخارجيًّا. في مواجهة الأزمة والسير نحو الحرب، لا يقدم مسار الحماية الذي ينتهجه ترامب ولا المسار الليبرالي الذي ينتهجه أقطاب التكنولوجيا للعمال أي احتمالات للتحرر من الاستغلال والقمع.
1- https://www.revolutionpermanente.fr/Musk-et-Trump-la-fin-de-la-lune-de-miel
ترشيحاتنا
