عربة التسوق

عربة التسوق فارغة.

هوامش

أندريه سيجال

الجامعة أو المعرفة كرهان اجتماعي

2025.07.27

مصدر الصورة : آخرون

ترجمة: سلمى مبارك

 

المقالة الأصلية منشورة على موقع UQAC  ( Université du Québec à Chicoutimi [1]

وهي في الأصل دراسة ضمن كتاب: Culture, Institution et savoir

 

مقدمة المترجمة:

"إذا كانت مهمة الجامعة تختص بإنتاج ونشر معرفةٍ بعينها، فإن هذه المعرفة تُمثِّل أيضًا رهانًا اجتماعيًّا، وهو الأمر الذي لا تجهله أي سلطة. بشكل ما، تُمثِّل الجامعة الفضاء المؤسسي الذي تتفاوض فيه كل من المعرفة والسلطة حول العلاقة بينهما."

هذه الفقرة المأخوذة من دراسة أندريه سيجال بعنوان: "الجامعة أو المعرفة كرهان اجتماعي" تمثل الفكرة الرئيسية التي يناقشها ويطورها في سياق عرضه لفكرة الجامعة بوصفها حاضنة للمعرفة النقدية، في ظل طبيعتها المقاومة للسلطة، وتساؤلاته حول المفارقة التي تجعل من المؤسسة الجامعية أداة من أدوات السلطة.

أندريه سيجال هو أستاذ تاريخ العصور الوسطى بجامعة لافال بكندا [2] ، والأفكار التي يطرحها في مقالته المنشورة في 1996 -التي تعتبر شهادة على المؤسسة الجامعية من واقع خبرته التي تشكلت في الجامعات الكندية منذ 1968- تمس القارئ المعاصر بشكل مدهش. فهي عابرة للحدود الجغرافية والزمنية، ويبدو كما لو كانت دراسته مكتوبة بقلم لم يجف مداده، إذ نرى فيها مناقشة حية للتحديات التي تواجهها جامعاتنا اليوم. لا شك أن السبب في ذلك هو النظرة الثاقبة للمؤرخ الذي يستطيع أن يصل الحاضر بالماضي ويستشرف المستقبل. إن جامعاتنا هي تلك التي تعود أصولها إلى القرن التاسع عشر، مع بدايات الحداثة، وهي وريثة في عدد من الأوجه لجامعات العصور الوسطى، وهي كذلك تلك التي تتطور، ونشهد إعادة صياغتها في القرن الواحد والعشرين.

نشرت هذه المقالة في كتاب بعنوان: "الثقافة والمؤسسة والمعرفة" -وهو نتاج سمينار بحثي أقامته الوحدة البحثية CEFAN [3] ، بجامعة لافال. يقول سيجال في مقدمته: "تتناول نصوص هذا الكتاب المكتبة والعائلة والمتحف والصحة- وجميعها مؤسسات تقع خارج نطاق العالم الأكاديمي. في مقالتي هذه يتعلق الأمر بالجامعة، ضمن إطار نشاط علمي تقيمه الجامعة، نشارك فيه بوصفنا فاعلين في المؤسسة التي نَدرُسها."

في سياق مقدمته، يوضح سيجال الخلفية النظرية لأفكاره، ويتعرض فيها لمفهومين رئيسين: مفهوم المؤسسة، بهدف التوطين للمؤسسة الجامعية ضمن موضوعات الكتاب، ومفهوم الجامعة باعتباره الإسهام الرئيسي الذي يتعرض له. وقد اخترت أن أتجاوز الفقرات القليلة التي تتناول التأصيل النظري لمفهوم المؤسسة، فقد رأيت أنها في سعيها لربط المقالة بموضوعات الكتاب، تبتعد بقرائنا عن صلب ما يمسنا من أفكار سيجال. كذلك ينهي سيجال مقالته بفقرات يتساءل فيها عن خصوصية الجامعة في أمريكا الفرنكوفونية، قدرت كذلك أنها تنأى بنا عن المنظور الواسع الذي انتهجه على مدار عرضه، ومن خلاله استطعنا التواصل مع أفكاره.

 

 نص المقالة

 مقدمة

أشعر بفخر كبير لمشاركتي في هذه المجموعة البحثية التابعة لشبكة CEFAN ، وأشعر ببعض الحرج في الوقت نفسه. في الواقع، لا تُمكّنني خبرتي المتخصصة من تناول المؤسسة الجامعية في أمريكا الفرنكوفونية. أنا مؤرخ، لكنني لست متخصصًا في تاريخ المؤسسات، أو تاريخ الجامعات، أو امريكا الفرنكوفونية. كل ما يربطني بهذه المجالات هو اهتمامي بأصول الجامعة في أوروبا في العصور الوسطى، وذلك لأغراض التعليم العام أو نشر الثقافة.

لا شك أن خصوصية مشاركتي في هذا الكتاب مرتبطة بخصوصية موضوعنا اليوم. تتناول نصوص هذا الكتاب المكتبة والعائلة والمتحف والصحة - وجميعها مؤسسات تقع خارج نطاق العالم الأكاديمي. في مقالتي هذه، يتعلق الأمر بالجامعة، ضمن إطار نشاط علمي تقيمه الجامعة، نشارك فيه بوصفنا فاعلين في المؤسسة التي نَدرُسها. وبينما نحاول التفكير في الأمر من خلال المسافة والنظرة الخارجية الضروريتين لتحقيق الحد الأدنى من الموضوعية، فإنه من مصلحتنا كذلك أن نضع في الحسبان موقفنا الذاتي ومنظورنا الخاص.

هذا هو الدور الذي أوكلته إلى نفسي. سأُدرج عرضي، قدر المستطاع، في الإطار المفاهيمي المُقترح للندوة بأكملها. وسأُطبّق ما لديَّ من معرفة أكاديمية، لكن عرضي سيكون في المقام الأول شهادة: نظرة على المؤسسة الجامعية، بناءً على خبرتي وتصوراتي وقيمي. وفي أسئلتكم ومناقشاتكم وأعمالكم اللاحقة، سيكون عليكم النظر إلى هذا العرض على هذا النحو، أي من خلال النظرة النقدية التي يتطلبها خطاب شاهدٍ لديه التزاماته وله اهتماماته، بل وحتى تحيزاته.

وحتى لا يكون هناك أي شك، أُعلن عن قناعاتي على الفور. فأنا أعتبر نفسي رجلًا يساريًّا. أُولي حرية الفرد أهمية أكبر من حرية السوق، وأُثَمِّن عقلانية السلوك أكثر من استمراريته، وأكترث للعدالة الاجتماعية أكثر من النظام الاجتماعي. ومع ذلك، فأنا شديد التعلق بالتقاليد الأكاديمية. فرغم كل الجمود الذي قد يقود إليه الدفاع عن التقاليد في الجامعة، ستظل هذه التقاليد تُوفر في عالم اليوم المساحة الوحيدة المضمونة لحرية الفكر وتقدمه.

إذا كانت مهمة الجامعة تختص بإنتاج ونشر معرفة بعينها، فإن هذه المعرفة تُمثِّل أيضًا رهانًا اجتماعيًّا، وهو الأمر الذي لا تجهله أي سلطة. بشكل ما، تُمثِّل الجامعة الفضاء المؤسسي الذي تتفاوض فيه كل من  المعرفة والسلطة حول العلاقة بينهما. لتوضيح وجهة النظر هذه، سأحاول أولًا عرض إطارنا المفاهيمي. ثم سأتناول تقاليد الجامعة بوصفها مقاومة للسلطة، وسأتساءل عن مستقبل مؤسسة صارت أداةً لتلك السلطة. وأخيرًا، سوف أتساءل سريعًا عمَّا إذا كانت هناك خصوصية للجامعة في أمريكا الفرنكوفونية.

 

الإطار المفاهيمي

  • الجامعة

يتم تعريف المؤسسة الجامعية بأنها حلقة الوصل بين المجتمع والمعرفة. ويشير وجود الجامعة إلى إدراك المجتمع لضرورة المعرفة ووظيفتها بشكل محدد، فهو يُخصّص موارده للعمل على ممارسة هذه الوظيفة، ويُضفي مكانة خاصة على القائمين عليها. قديمًا -كما كان الأمر في مصر الفرعونية أو في الغرب الكارولنجي [4] - كانت هيئة الكتبة والكهنة ورجال الدين هي التي تؤدي هذه الوظيفة. ومع ذلك، لا يمكننا تعريف تلك الهيئة المؤسسية على أنها جامعة. صحيح أنها تضمن الحفاظ على المعارف العليا وتقوم على نقلها -تلك المعارف التي تتجاوز المستوى الدارج- إلا أنها من ناحية، تعد معارف مُغلقة، ومن ناحية أخرى، هي مُوجهة لخدمة العبادة، والوساطة بين البشر والآلهة.

مع ظهور الجامعة في العصور الوسطى، في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، يطرأ أمران جديدان. أولًا، شيوع فكرة أن المعرفة، المكوّنة أساسًا من تراث مقدس، يمكن توضيحها وتعميقها وتطويرها من خلال الجدل، إذ لم تعد المعرفة مجرد إعادة إنتاج للقديم، بل بناء للجديد، وذلك وفقًا للمقولة الشهيرة لبرنار دو شارتر Bernard de Chartres [5] "كأقزام تقف على أكتاف عمالقة." بمعنى أن المُحدثين يستندون إلى علم القدماء والمقصود أهل العصور الوسطى فيرون مجال رؤيتهم أوسع وأبعد مدى؛ ومن هنا فهم ينتجون معرفة جديدة من خلال ممارسة العقل النقدي.

بعد بضع سنوات، يجسّد أبيلارد [6] Abélard ، المتوفَّى في 1142م، هذه الفكرة بقوة، فتُضاف مهارات الفكر إلى المعرفة المتراكمة. وإذا ما قارنّا المثقف بمُوَلِّد كهربائي وبطارية، فيمكننا القول إن المثقف مُولِّدٌ للتيار الكهربائي، وليس مجرد حافظ له. علاوة على ذلك، إذا كان الأكاديميون الأوائل قد انتموا إلى طائفة رجال الدين وكان يُنظر إليهم ككهنة، فإنهم تميزوا بعد ذلك بمحاولتهم الخروج من التسلسل الهرمي الكنسي، وناضلوا من أجل الاستقلال عنه. وفي سياق العقيدة المسيحية، صاروا محترفي فكر، بعضهم أساتذة في المهنة (المعلمون)، والبعض الآخر متدربون (الطلاب).

وهكذا، يستطيع لوجوف Le Goff  أن يكتب -مع وضع المفارقة التاريخية في الحسبان- أن "المثقف" قد ظهر، وهو ذلك الشخص الذي يتخذ من البحث عن المعرفة مهنةً. [7] لقد ظهر كفرد، وكمجموعة اجتماعية منظمة معترف بها. ففي الأصل، تُشير كلمة جامعة  إلى المؤسسة التي تجمع أفراد المهنة الفكرية. وهي في ذلك تتخذ نموذجًا من تنظيمات العمال اليدويين.

في جامعة العصور الوسطى، نجد بالتأكيد ميلًا إلى المعرفة "الراقية"، والمعرفة "النخبوية"، والمعرفة "الفكرية"، أو ما يُطلق عليه "الفنون الليبرالية"، وفقًا لمصطلحات ذلك العصر، وهي تختلف تمامًا عن "الفنون الميكانيكية"، التي نطلق عليها اليوم المعرفة التكنولوجية. علينا العودة إلى هذا التمييز. سأشير ببساطة إلى سمتين تُميّزان هذه المعرفة: 1. أنها معرفة نقدية؛ 2. وهي تشكل مهنة مستقلة. نتوقف عند تلك السمتين بهدف تحديد المعرفة الجامعية، ومن ثم، استكمال تعريفنا للمؤسسة الجامعية.

المسألة هنا تتعلق بالمؤسسة نفسها، لا بالمنشآت المتعددة الموجودة بها، من كليات وجامعات ومعاهد تقع في بولونيا ومونبلييه وباريس ولوفان وهايدلبرغ وبوسطن وبيركلي ومونتريال ولا بالأجهزة التي تديرها، من وزارات وأكاديميات ورئاسات جامعات ومجالس ولجان ومفوضيات مختلفة. إن وجود الجامعة في المجتمع ينبع من الأهمية المعترف بها لنشاط ومهنة مستقلين ومكرسين للمعرفة النقدية. فلولا الأكاديميون النشيطون، لما وُجدت جامعة. وإذا لم يتبقَ سوى منشآت وأجهزة إدارية تحمل اسم الجامعة، فيمكننا القول إن المؤسسة في طريقها إلى الزوال. وهذه هي فرضيتي.

لقد استقيتُ هذا التعريف للجامعة من التكوين المعرفي المرتبط بها في العصور الوسطى، مع أن هذا التعريف ينطبق أيضًا على الجامعة التي ازدهرت بدءًا من القرن التاسع عشر. أما مسألة وجود استمرارية بين الجامعة في العصور الوسطى والجامعة المعاصرة، وما إذا كنا مدينين بجامعتنا لأساتذة القرن الحادي عشر، أم أن الاستمرارية كانت شكلية فحسب، فتلك إشكالية تاريخية لن أتطرق إليها، وأوجه التشابه التي سأواصل عرضها لا تفترض هذه الاستمرارية. لكن هذه الاستمرارية تصير جلية، منذ تأسيس جامعة برلين عام 1809، فمنذ ذلك التاريخ، تغلغل نموذج الجامعة الألمانية في جميع أنحاء الغرب، حتى في النظام الفرنسي الذي كان الأكثر مقاومةً له. 

  • رهان: المعرفة والسلطة

في هذا السياق التاريخي والنظري، يُمكننا التساؤل عن علاقة الجامعة الحالية بالمجتمع وعن قدرتها على البقاء كمؤسسة. فليس كل نظام تعليمي، حتى ولو كان "عاليًا"، يعد جامعيًّا بالضرورة. وليست كل منظمة بحثية، حتى لو قدمت الأبحاث "الرائدة"، تعتبر جامعية إلزامًا. ولو كانت الجامعة تتمثل فقط في المستوى التعليمي الذي يلي نظام التعليم المدرسي، لما كانت جامعة. من هذا المنظور، فإن شعور طلابنا الشباب بمواصلة الذهاب إلى المدرسة عندما يكونون في الجامعة، هو أمرٌ مُقلق، وكذلك الأمر بالنسبة إلى استخدام كلمة "طالب" في مفرداتنا اليومية للإشارة إلى تلاميذ المدارس. علاوة على ذلك، لقد صرنا نستعين بكلمة "زبائن" للإشارة إلى كليهما.

في ظل تعدد العلاقات المعقدة بين الجامعة والمجتمع، من الضروري تحديد الرسالة الاجتماعية للجامعة بوضوح، وهي تطوير المعرفة النقدية ونشرها. تتطلب هذه الرسالة من الأكاديميين وعيًا عاليًا بمسؤوليتهم الاجتماعية تجاه جميع مفردات المجتمع. علاوة على ذلك، يتطلب تنفيذ هذه الرسالة من القوى الاجتماعية احترام الحرية الأكاديمية بفعالية وصرامة، سواءٌ في مجال الأنشطة أو في مجال عمل أساتذة الجامعات.

يترتب على ذلك أن البحث والتدريس والنقاشات النقدية في الجامعة تُحددها المصلحة المشتركة للفاعلين فيها، ولا ينبغي فرض أي تصور مسبق لهذه المصلحة علي الجامعة، لا مباشرةً بأي شكل من أشكال الرقابة، ولا بطريقة غير مباشرة من خلال قيود التمويل. ومع ذلك، تبقى العلاقة بين المجتمع والجامعة موضع صراعات على السلطة. وعلى الأكاديميين، من أجل الحفاظ على طبيعة المؤسسة، أن يحافظوا على استقلاليتهم في قلب هذه الصراعات. هذا صراع خاضوه طويلًا، ويبدو أنهم تخلّوا عنه اليوم.

لا تهدف هذه المداخلة إلى التفكير في مسؤولية الأكاديميين تجاه المجتمع، مع أن الوعي بهذه المسؤولية وتحديدها وترسيخها أساسيًّا لشرعية المؤسسة. فالمجتمع لا يُبقي على مؤسسات لم تعد تؤدي وظيفتها الشرعية. فهل ستبقى مؤسسة الأسرة إذا توقفت عن أداء وظيفتها في التكاثر البيولوجي، أو على أقل تقدير، الثقافي؟ لذا، وبعيدًا عن مسألة الشرعية الاجتماعية، أقترح أن نتأمل في المعرفة النقدية والحرية الأكاديمية اللتين تُعرّفان المؤسسة نفسها.

  • المعرفة النقدية

ربما يوجد بعض من المغالاة في استخدام مصطلح المعرفة النقدية للإشارة إلى البدايات الأولى للجدلية. إلا أن المفهوم يبدو لي اليوم واضحًا. عادةً ما تُصاغ رسالة الجامعة في مصطلحين: البحث والتدريس، أو تطوير المعرفة ونشرها. ولا يزال من الضروري تحديد ماهية المعرفة، وبالتالي ماهية البحث والتدريس. فالجامعة لا تحتكر أيًّا منهما. نتحدث أحيانًا عن "المعرفة العليا". ولكن ماذا نعني بذلك؟ ثلاثة جوانب تُميز المعرفة الجامعية.

أولاً، لا يتعلق الأمر ببنى معرفية تحتاج إلى النقل فحسب، بل بمعرفة في حالة تطور تتشكل من معلومات مطروحة للتساؤل والنقد. ولذلك، يُعدّ البحث والتدريس في الجامعة عنصرين لا ينفصلان. فما يُدرّس ليس نتاج بحث مستمر فحسب، بل هو عملية البحث ذاتها: المعرفة، وإنتاج المعرفة، والتفكر فيها. هذا وحده هو ما يُبرّر الصلة الوثيقة بين التدريس والبحث.

إن المعرفة الأكاديمية معرفةٌ تم بناؤها علميًّا. فهي ليست تجريبيةً بحتة ولا هي منقولة من التقاليد. هي تنبع من منهجٍ مُحدد، قائمٍ على العقل والملاحظة. وتخضع لإجراءات التحقق. حتى الإبداع الجامعي، في الفن والأدب أو التكنولوجيا، يتميز بخضوعه للحكم المنهجي. وبهذا المعنى أيضًا، تُعتبر المعرفة الأكاديمية معرفةً نقدية: فالحكم على صحة المعرفة وقيمتها جزءٌ لا يتجزأ منها.

المعرفة الجامعية معرفة نقدية من منظور ثالث. فهي ليست مستقلة عن تداعياتها الاجتماعية، بل تأخذ في الاعتبار تطبيقاتها: منافعها ومضارها. ويركز منهجها النقدي في استخدامات العلم، كما يركز في جميع الوظائف الاجتماعية الأخرى. ومن هنا فالمعرفة الجامعية تحلل أيضًا آليات السلطة في إدارة المعرفة وتوجيهها، والتحكم فيها، أو تحويل مسار إنتاجها ونشرها. تُعدّ هذه الوظيفة هي الأكثر إزعاجًا لرجال الأعمال والحكومة، والأكثر إهمالًا من قِبل الأكاديميين.

تساعد هذه الإيضاحات على تمييز ما يُمارس في التعليم والبحث داخل المؤسسات والمنظمات الجامعية، من أنشطة جامعية أصيلة. فليس بالضرورة أن تكون كل أنشطة الجامعة مرتبطة بها؛ ولكن إذا طغت الأنشطة غير المرتبطة بالمعرفة النقدية، من حيث الحجم أو الأهمية، على الأنشطة الجامعية البحتة، فإن المؤسسة نفسها ستفقد معناها. تحمي بعض الأنظمة نفسها من هذه التجاوزات بتمييز الجامعات عن المدارس المهنية العليا. ولكن يحدث أحيانًا، على نحو متناقض، كما هو الحال في فرنسا، أن تؤدي بعض المدارس العليا وظيفة المعرفة النقدية بشكل أفضل من الجامعات نفسها.

من الواضح، مع ذلك، أن التعليم الذي يقتصر على نقل المعرفة التي يتطلبها سوق العمل، أو البحث الذي يقتصر على تطوير تقنيات مفيدة للشركات، لا علاقة له بالمعرفة النقدية ولا بالمؤسسة الجامعية. إن إنتاج ونشر المعرفة النقدية هو ما يُعرِّف الجامعة.

 

الحرية الجامعية

  • مقاومة المعرفة للسلطة

ومع ذلك، لا توجد سلطة تقبل بحرية المعرفة النقدية. فأي سلطة شمولية، سواءٌ كانت كنيسةً أو حزبًا أو جيشًا، تُحاربها بشكل مطلق. ويشهد على ذلك هروب الأكاديميين الألمان في ظل النظام النازي. أما السلطات التي تُمارَس، كسلطتنا، في أطر ديمقراطية، فهي تُخضع المعرفة بطريقة أقل إحكامًا وأكثر مهارة. وهذا هو الحال اليوم مع أيديولوجية السوق التي تشترك فيها الشركات والدولة. فهي تميل إلى إخضاع المعرفة للعقل الاقتصادي، بل وحتى للعقل المحاسبي. وتُوجّه الجامعة نحو تطبيقات المعرفة الأكثر مباشرة، وتلك الأكثر انسجامًا مع المشروع الاجتماعي أو مصالح النخب المهيمنة.

تكمن أدوات السلطة في التمويل والإدارة. إذ يقع التمويل في معظمه على عاتق الدولة التي تحدد الأولويات، مع وضع توجهات غير مستقرة وغير مضمونة، من خلال تخصيص موارد تشغيل ومنح بحثية مؤقتة. أما الإدارة، فتسيطر عليها الشركات بشكل أساسي التي يخترق مديروها، ليس فقط أجهزة الدولة، بل أيضًا مستويات إدارة الجامعة. 

إن المسؤولين عن إدارة الجامعات، الذين يتزايد عددهم بشكل مطرد ويبتعدون أكثر فأكثر عن أهداف وممارسات المعرفة النقدية، يتبنون بشكل مستتر أيديولوجية السوق التي تتبناها الدولة والشركات. وكون هؤلاء الإداريون ينتمون بأعداد كبيرة إلى أعضاء هيئة التدريس يُفاقم، في الواقع، من سطوة القوى الخارجية، من خلال إضفاء الشرعية عليها. وقد ازداد هذا الوضع سوءًا بسبب انسحاب الأساتذة والطلاب بعيدًا عن قضايا الجامعة. فمنذ مايو 1968 وأوائل سبعينيات القرن الماضي، انعزلوا تدريجيًّا داخل مصالحهم الخاصة، وتوقفوا عن إظهار أي شعور بالانتماء إلى المجتمع الجامعي.

ومع ذلك، فلا وجود للمعرفة النقدية بدون حرية. إن تطوير المعرفة ونشرها يخضعان للبحث عمّا يُسمى "الحقيقة"، ولا يمكن إخضاعهما لأهداف أخرى. لذلك، كانت حرية الفكر من أهمّ مكتسبات حضارتنا. فالجامعة هي المكان الأمثل للفكر المهني. وقد ارتبطت الحرية الأكاديمية منذ البداية بحرية الفكر، وهي حتى الآن مُستمدّة منها، ليس لأنها في يوم ما كانت كاملة، ومُلتزم بها بشكل تام، إذ تتدافع الكثير من المصالح والقوى حول المعرفة. ولكن حرية المعرفة لطالما تم تأكيدها وقبولها كمبدأ. وهي تعتمد في استدامتها على عزم الأكاديميين على الدفاع عنها.

  • استقلال الجامعة

تتواجد الحرية الأكاديمية على مستويين على الأقل: مستوى الأجهزة ومستوى الأفراد.  يُشار إلى أحدهما عادةً باستقلال الجامعة، وإلى الآخر بالحرية "الأكاديمية". تكمن استقلالية الجامعة في سلطتها المُعترف بها في أن تدير نفسها بنفسها. عندما تكون الجامعة هيئةً مُشكّلة، وفقًا لمعايير ونسب مُتفاوتة، من الطلاب والأساتذة، فإن الهيكل الذي تُشكّله هذه الهيئة، أو المنبثق منها، هو المسؤول عن ممارسة استقلال الجامعة. بمجرد أن تُفوّض سلطة الجامعة إلى جهات خارجية، يصير هذا الاستقلال عرضة للخطر، ما لم تُتح للهيئة الجامعية فرصة ممارسة رقابة ديمقراطية صارمة، هي تمارسها بالفعل. ويحدث أحيانًا، أن تُعهد إدارتها إلى مجلس خارجي بزعم الدفاع عن استقلالية الجامعة. ففي نظر الكثيرين، يأتي التهديد لهذه الاستقلالية من الدولة. في الماضي، كان هذا صحيحًا في كثير من الأحيان.

لا شك أن الدولة، حتى تلك الديمقراطية والليبرالية، تميل إلى إخضاع الجامعة، وجعلها أداة لسياساتها. ويتجلى هذا بوضوح عندما توفر الدولة أغلب تمويل الجامعات. فقواعد التمويل التي تضعها تُشكل قيودًا تُقلل بشكل كبير من استقلالية المؤسسات. كما أن المنح البحثية، عندما تأتي من هيئات حكومية، فهي تُعزز هذه القيود. في الأنظمة الديمقراطية، تقل طموحات الدولة بسبب ممارسة الناخبين دورهم، ومن خلال الرأي العام، فضلًا عن تقاليد التشاور بين الدولة والجامعة. لكن لا يزال من الضروري في هذه المشاورات، أن تُمثَّل الجامعة من قِبل أعضائها، لا من قِبل إدارات خارجة عن سيطرتها. وأخيرًا، لا بد من الاعتراف بأنه من المشروع للدولة التي تمول الجامعة من موارد الشعب أن تسعى إلى التحكم في كيفية استخدام هذه الموارد.

أمام الدولة، وأمام الرأي العام، لا تزال استقلالية المؤسسات الأكاديمية بعيدة كل البعد عن الاكتمال والضمانات. فهي موضع توتر دائم تظهر فيه هوية اللاعبين بوضوح. بالنسبة إلى الشركات تبدو الألاعيب أكثر غموضًا وخطورة. وقد لوحظ بالفعل سطوة رجال الأعمال على العديد من المؤسسات. ففي مقابل السلطة، يقدمون إليها نتاج خبراتهم وكفاءاتهم وعلاقاتهم. ويفرضون أساليبهم وقيمهم. لقد أصابت تلك العدوى بالفعل إداريي الجامعة شأنهم شأن العديد من القادة السياسيين. وتتجلى أيديولوجيتهم بشكل خاص في موضوعين يُضعفان من استقلالية المؤسسات: الهوس بالربحية التجارية، وارتباط الجامعة بقطاع الأعمال.

من المعلوم أن  قيم المعرفة النقدية لا تتناسب مع تكاليفها. فبرنامج تعليمي قد يبدو ضروريًّا فكريًّا، لكنه يتطلب تكاليف تفوق العائد من مصروفات "الطلاب بدوام كامل". وقد يتطلب برنامج بحثي مهم لتطوير المعرفة موارد لا تتناسب مع مردوده التطبيقي. أما في واقع الأمر، فإنه من غير الممكن تحديد قيمة برنامج معرفي بطريقة محاسبية. ومع ذلك، فالجامعة الحقيقية لا تتخلى عن تقييم كل برنامج، لكنها لا تُقبل على مقياس التكلفة بشكل مطلق، بل هي تحتكم إلى معايير متنوعة، إذ تجمع بين الكم والكيف في تحديد تكلفة البرنامج من ناحية، وتوصيف قيمه من ناحية أخرى، متبنية منطقًا دقيقًا يترك هامشًا من عدم اليقين، وهو أمر لا يطاق بالنسبة إلى رجل الأعمال. لقد أدخل رجل الأعمال أساليبه في الحياة الجامعية حتى أن حياة وحدة للأساتذة قد أصبحت تقدّر بشكل تجاري:  فتُقيّم إنتاجية كلٍّ منهم بشكل متبادل من حيث رصيد الطلاب ومبالغ المنح التي يستطيع الحصول عليها. وهكذا تبدو استقلالية الجامعة مختلة تمامًا.

 يُمثل ارتباط الجامعة بالشركات حصان طروادة آخر. بالطبع، لا يمكن لأحد أن يُعارض المبدأ ذاته. ففي العديد من المجالات، تعتبر الشركات بيئة تدريب عملي ممتازة للطلاب، حيث يجد الأساتذة فيها أفضل الظروف لاختبار فرضياتهم وتحديثها، وتستفيد الشركات مباشرةً من الأبحاث الجامعية، وتجد فيها موارد بشرية قيّمة - كل هذا مثالي. ومما لا شك فيه أن التنمية الاقتصادية تستفيد من التقارب بين المعرفة الجامعية والممارسات الصناعية. مع ذلك، فالأمر لا يخلو من الظلال المقلقة. إذ يُواجِه البحث الأكاديمي خطر التبعية لمصالح الشركات، ويتم الحياد به أحيانًا عن أهدافه الحقيقية من خلال العقود والرعاية التي تُعوِّض نقص التمويل العام. بهذه الطريقة أيضًا، يترسخ نموذج "ريادة الأعمال" ويُشوّه النموذج الجامعي، فيتزايد عدد الجامعيين الذين يتصرفون كرجال أعمال بدلًا من أن يكونوا أساتذة.

لذا، فإن الاستقلال المؤسسي للجامعات عُرضة بشدة للتأثيرات الأيديولوجية والمالية لقطاع الأعمال والدولة، والذي يشكل التعاون معهما ضرورة على الرغم من ذلك. لذا فمن المهم أن تُمثَّل الجامعة في هذا التعاون من خلال أكاديميين لديهم من الأصالة واليقظة ما يلزم، وهو ما لم يعد قائمًا في كثير من الأحيان.

ولكن ماذا عن الجانب الثاني من الحرية الجامعية : الحرية "الأكاديمية"؟

  • الحرية الأكاديمية

الحرية الأكاديمية هي حق كل أستاذ في ممارسة مهامه وفقًا لقناعاته الفكرية، ودون أي قيد أو تهديد أو ضغط. حرية الأساتذة مُعترف بها ومحمية بتقاليد جامعية راسخة. هذه التقاليد تُرسَّخ وتُعزَّز من خلال التجمعات الأكاديمية ومن أبرز مهمات تلك التجمعات، ضمان حماية هذه الحرية من جميع أشكال التعسف. في الواقع، يحمي القانون والمواثيق الحرية الأكاديمية بشكل أفضل من أي وقت مضى. لكن يتبين أن التهديدات الأخيرة تُثقل كاهل تلك الحرية، وأخطرها هو التمييز الذي يترسّخ تدريجيًّا بين العاملين في مهنة التدريس. إذ يجلب الأساتذة منحًا ضخمة، ويُدرِّسون بشكل أقل في مرحلة البكالوريوس، ويتمتعون تدريجيًّا بمكانة أعلى من الباحثين الأفراد الأقل دخلًا، الذين ينضمون إلى صفوف أساتذة التدريس. علاوة على ذلك، يمارس عدد متزايد من الباحثين المساعدين والمحاضرين وظائفهم الأكاديمية بدوام جزئي، دون التمتع بنفس الحماية من حيث الحرية الأكاديمية. هؤلاء يشكلون طبقة بروليتاريا فكرية هشة جدًّا. وأخيرًا، يستاء رجال الأعمال الجدد الذين يديرون الجامعات من حريات الأساتذة، حيث يعتبرونهم مجرد موظفين مؤهلين. فمن اعتادوا أن يكونوا تحت إدارتهم لا يتمتعون بهذه الامتيازات. لذا فلن يتوانى هؤلاء عن مهاجمة الأساتذة .

إن التهديدات التي تواجه الحرية الأكاديمية ليست جديدة. فقد نشأت الجامعة في العصور الوسطى، في بداياتها، ضد سلطات محلية، هي سلطات الأسقف، مستندة، بحسب الحالة، إلى سلطات ملكية أو إمبراطورية أو بابوية. ثم قاومت، بدرجات متفاوتة من النجاح، الهيمنة البابوية أو تدخل الدولة. ومنذ القرن التاسع عشر، وباستثناء الفترات الشمولية، حافظت الجامعة على تركيزها في مهمتها لتطوير المعرفة النقدية ونشرها، ودافعت عن حرية هذه المعرفة مهما كلف الأمر. وقد شكل تدويل المعرفة مظلة حامية من قيود الدولة التعسفية. لكن الحادث في العقدين الماضيين يكمن في اتجاهين تتقاطع آثارهما: استيلاء الشركات على الجامعة الذي سبق ذكره، وفتور الأكاديميين أنفسهم.

في الواقع، يزداد الأكاديميون انفصالًا عن الجامعة، والطلاب عن الأساتذة، والعكس صحيح. ويقل وعيهم برسالتهم المشتركة كمجتمعات حيوية. يُعرّف العديد من الأساتذة أنفسهم كمهندسين ومحامين وأطباء وعلماء اجتماع ومؤرخين، لا كأكاديميين. وقليل من الطلاب يتصرفون كأعضاء في المجتمع الطلابي؛ بينما يقبل معظمهم أن يتم التعامل معهم بوصفهم عملاء. وهكذا، تتلاشى المجموعة الاجتماعية التي كانت أساس المؤسسة الجامعية، فلم يعد التكوين الجامعي يُفضي بالطالب إلى وضعية المثقف، بل إلى وضعية الاختصاصي: الفني والمهني والعالم.

تُجسّد الأحداث الأخيرة في جامعة لافاي بوضوح تآكل الحرية والمجتمع الأكاديمى. فمن خلال إعادة هيكلة هيئات صنع القرار، نَقَل رئيس الجامعة إدارتها، من مجلسٍ يُمثّل المجتمع الأكاديمي بقدر أو بآخر، إلى مجلس إدارة خارجي. علاوةً على ذلك، فقد حافظ على هيمنة الإداريين داخل مجلس الجامعة الذي صار تابعًا. مع ذلك، مرّ هذا الانقلاب الحقيقي بسلام؛ إذ ارتجفت بعض الجمعيات قليلًا، لكن عموم الأساتذة والطلاب لم يُبالوا. وأخيرًا، وامتدادًا لهذا الاستحواذ، قرر مجلس الإدارة الجديد أن تعيين رؤساء الوحدات والأقسام وعمداء الكليات لن يتم بعد الآن من خلال الانتخابات، بل بمشاورات بسيطة. كان الهدف هو حرمان الأساتذة، وخاصةً الطلاب، أي مجتمع الجامعة، من سلطة اختيار رؤسائهم المباشرين. ففي عالم الأعمال، هذا ليس من العادات المتبعة. لم يُبدِ الطلاب أي رد فعل، واكتفى الأساتذة بعريضةٍ جمعت 700 توقيع، لم تُؤخذ حتى في الاعتبار. هذه الأحداث بالغة الأهمية.

  • امتثال المعرفة للسلطة

ليست الصور الرمزية لنظام المؤسسة الجامعية هي ما يهمنا، بل مؤشرات على تغيير هيكلي جارٍ بقوة في أماكن أخرى. طرحتُ في البداية شكوكًا حول بقاء المعرفة النقدية في صميم النشاط الجامعي. والواقع أن المعرفة النقدية ومنطق السوق لا ينسجمان. ثم حاولتُ إظهار أن استقلالية المعرفة التي تضمنها حرية وتضامن جموع المثقفين آخذة في التلاشي. وإذا كان هذان العنصران هما بالفعل ركيزتي المؤسسة الجامعية، فيمكن الاستنتاج أن الجامعة كمؤسسة تنتمي إلى ماضينا أكثر منها إلى مستقبلنا.

ومع ذلك، يستدعي هذا الاستنتاج ملاحظتين مهمتين. فمن طبيعة البنى الاجتماعية طويلة الأمد مقاومة التغيير بالتكيف معه. لذا، فمن الممكن تمامًا أن ما أعتبره تآكلًا لبنية ما، ليس سوى أزمة بنية تتجدد بأشكال غير متوقعة، وأن يُنتج مجتمع السوق والمجتمع المحوسب نوعًا جديدًا من المثقفين، بتضامنات جديدة، في خدمة أشكال أخرى من المعرفة النقدية. والملاحظة الثانية هي أنه في حال لم يتبقَّ من المؤسسة الجامعية سوى هيئات تعليم عالٍ ومراكز للبحوث التطبيقية، تُدار كشركات صناعية، فسيكفي ذلك لإشباع نوستالجيا رجل عجوز عاطفي مثلي. لكن سمة أي واقع تاريخي، مهما استمر، هي كونه واقعًا عابرًا، وبالتالي له نهاية. إن موت مؤسسة، كما هو الحال مع موت أيديولوجية، لا يكتب نهاية التاريخ.


1- https://classiques.uqam.ca/contemporains/segal_andre/universite_savoir/universite_savoir.html
2- تميز بقدرته على نقل شغفه بالتاريخ إلى طلابه، وهو ما كرمته عليه جامعة لافال فحصل على جائزة التميز في التدريس في 1997.
3- Chaire pour le développement de la recherche sur la culture d'expression française en Amérique du Nord كرسي تطوير الأبحاث حول الثقافة الناطقة بالفرنسية في أمريكا الشمالية"
4- كان الكارولينجيون سلالة من الملوك الفرنجة الذين حكموا أوروبا الغربية من القرن الثامن إلى القرن العاشر. (المترجمة)
5- فيلسوف أفلاطوني فرنسي من القرن الثاني عشر.
6- فيلسوف فرنسي ومتخصص في الجدل وعالم لاهوت مسيحي. (المترجمة)
7- كتاب صغير ومثير جدًّا، يُعاد إصداره ويُستشهد به كثيرًا: جاك ليجوف (1957)، "المثقفون في العصور الوسطى". (المؤلف)